تشكو من كثرة الاستعارات
ألمس القصيدة بيدي
أخيرًا لمست القصيدة بيدي، مررت على جلدها الناعم أصابعي العشرة.
لم أعثر على النتوءات التي بسببها كنت أظن، أنها لن تقترب مني، لم أعثر على شيء يمنع التصاق الجلد بالجلد.
فيما مضى كنت وهي، في منزل واحد، ننام في غرفة واحدة، نجلس إلى طاولة الطعام، نفطر ونشرب القهوة ذاتها، نتحدث عن أحوالنا اليومية.
هي تشكو من كثرة الاستعارات، التي تبطئ خطوها في السفر والتعرف، على أناس في مدن بعيدة.
بعض الأحيان تهاتفني من هناك، وهي متضايقة من تصرفات بعضهم معها خصوصًا حين يجلبون فرقهم الموسيقية، ويطلبون منها الرقص دون أن يعرفوا مزاجها في تلك اللحظة كيف يكون؟
بعض القراء، كما كانت تقول لي، دائمًا يأخذونها عنوة تحت تهديد السلاح، إلى تجار مخدرات؛ كي يلصقوا كلماتها في بطاقات بريدية، ويبعثوا بها إلى زوجاتهم في قراهم النائية. وكنت بدوري أشكو لها، حالة الصرع التي تنتابني من حين لآخر، وأعتذر منها إذا ما آذيتها وأنا في تلك الحالة.
لكنني طوال هذه المدة من الصحبة والعشرة، لم أنتبه إلى أنني لم ألمسها قط!
ولولا زوجتي وأطفالي لَمَا تَعرَّفت إلى ملمس الحطب المتفحم، بعد كل حريق هائل، تشعله القصيدة في منزلي ثم تذهب.
الدهشة أمام نفسها
أكتب الشعر كما لو أني أفتح بابًا على غابة،
على سماء محتشدة بالزرقة،
على سهول وبراري، على أنهر لا ضفاف لها.
كما لو أني أربي أشجارًا في نومي؛
كي أصحو على سقوط ثمارها.
كما لو أني الدهشة أمام نفسها،
البياض خلف بياضه،
لموسيقا ما قبل مستمعيها وما بعدهم.
أكتب الشعر كما لو أني الشاعر
الذي أضاع المفتاح
بعدما أقفل على نفسه باب القصيدة،
ولم يعرف الخروج.