من المهم أن نتعلم من الدول الكبرى
من المهم جدًّا أن تكون المملكة العربية السعودية ضمن مجموعة العشرين؛ لأنها تتكون من الدول العشرين الكبار، وهؤلاء في أيديهم نحو 70% من اقتصاد العالم، ومن الرائع أن تستضيف السعودية القمة على أراضيها، لأن هذا يعضد موقفها في العديد من القضايا التي تعمل عليها، ومن المهم أن نتعلم من الدول الكبرى في إدارة مثل هذه الملفات، وأن نتعاون معها؛ لأن ذلك يقوي موقفنا في الحضور الدولي، ونحن لدينا العديد من القضايا الاقتصادية التي تهمنا، من بينها قضية الاستثمار في إفريقيا، التي وافقت عليها كل من الصين وأوربا، ولدينا ملف أزمة الفيضانات السودانية واحتياج السودان إلى المعونات الغذائية والخيام وغيرها.
سياسيًّا هناك العديد من الملفات التي هي بحاجة إلى حسم، مثل قضية شرق المتوسط، فضلًا عن الحرب في اليمن وليبيا، والقضية الفلسطينية التي أرى أن الوضع هذا العام سيكون إيجابيًّا لها، فإذا التزمت إسرائيل بتجميد الاستيطان التزم العرب باتفاقيات السلام، وإن عادت إلى العدوان عاد العرب إلى المقاطعة ووقف اتفاقيات السلام.
أما فيما يخص إيران فعلينا أن نعترف أن العالم منقسم بالفعل تجاهها؛ أوربا موقفها مختلف عن موقف أميركا، فدولة مثل ألمانيا تصدر بمليارات الدولارات لإيران، وفي المقابل موقف الاتحاد الأوربي من شرق المتوسط مختلف، أوربا معنا في هذه القضية، وكثيرًا ما اتخذت اليونان مواقف سخية معنا لإغاظة الموقف التركي، ومن ثم فموقفنا في شرق المتوسط ملائم، أما قضية سد النهضة فالإشكالية ليست في التمويل، ففي عهد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي اقترحنا على إثيوبيا تمويل وبناء السد مقابل الحصول على الكهرباء، لكن إثيوبيا لديها موقف متعنت بشكل دائم ضد مصر منذ الخمسينيات، بداية من انفصال الكنيسة الإثيوبية عن الكنيسة المصرية حتى وقتنا الراهن، وفي ظني أن سد النهضة مشكلة فنية وليست مشكلة تمويل، ولا حتى منع المياه عن مصر، ومصر تدير الملف بروية وهدوء وثقة.
سفير مصري سابق
تسوية الملفات السياسية سلميًّا
يوسف هريمة
يوجد عدد من القضايا الفكرية التي يمكن لقمة العشرين أن تختتم بها أعمالها؛ منها عالم ما بعد كورونا، والأصوليات الدينية والواقع العربي، والإعلام وإستراتيجيات الهيمنة، والمنظومة الدينية في أفق 2030م، والواقع العربي وتحديات التنمية. ولا بد من الحفاظ على سيادة الدول العربية، وحلحلة أو العمل على تسوية الملفات السياسية سلميًّا، والحفاظ على الوحدة العربية بما يخدم مصالح كل الدول.
ويمكن لقمة العشرين أن تجد حلًّا لمسألة صراع شرق المتوسط، إذا ما جرى تقزيم الدور التركي المتنامي في ليبيا وكثير من الدول. وأيضًا هناك اتفاقيات الدفاع المشترك بين الدول العربية، فيمكنها أن تحدّ من هذا الوجود في الشمال الإفريقي وبخاصة في ليبيا، كما يمكن أن يكون للاتحاد الأوربي دور في هذا الحل، وقادة هذه المنظمات الدولية سيلتقون في هذه القمة، ويمكنهم الوصول إلى تفاهمات واضحة بشأن العديد من القضايا.
كاتب وباحث مغربي
إحياء محور القاهرة الرياض دمشق
بكور عاروب
تهدف قمة العشرين إلى الوصول إلى معادلة صفرية بين الدول الإقليمية المركزية في المنطقة ومعها إسرائيل، والمقصود بالدول المركزية الإقليمية هي: تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية بخاصرتها المصرية الخليجية، ومن ثم فواحد من الأهداف المهمة لهذه القمة هو تعويض فشل ما كان يسمى بصفقة القرن، وذلك عبر تأكيد وجود حلف شرقيّ أوسطيّ جديد يمكنه أن يقيم علاقات سلام مع إسرائيل، ويسعى للقيام بدور اجتماعي وحضاري واقتصادي معها، ويمكنه على الجانب الآخر أن يعطل مشروع الحزام والطريق الصيني، وهو أهم المشروعات المستهدفة أميركيًّا، إضافة إلى التضييق على مستقبل إيران في المشروع الأوراسي؛ ليحافظ عليها دولة شرقية أوسطية ببعد غربي قدر الإمكان، وإعادتها لدورها قبل ١٩٧٩م.
الجانب الإيجابي الأبرز في هذه القمة أن أي حلف شرقيّ أوسطيّ يضم العرب جميعًا هو في النهاية منتج لصالح العرب، وإذا استطاعت المملكة العربية السعودية قيادة ملف الطاقة جيدًا فستكون في موقع مميز لإنتاج قرار سياسي موحد في المنطقة، فإذا اقتنعت المملكة بأهمية استكمال الرسائل الإيجابية للمحيط العربي عمومًا، بما فيه الجمهورية العربية السورية، فستكون التطورات جيدة، ولا بد من إعادة إحياء محور القاهرة الرياض دمشق، هو الخيار الأفضل لاستكمال المعادلة الصفرية مع الجميع بمن فيهم إسرائيل، (وليس بالتبعية لإسرائيل)، وهذا في الواقع يجب أن تكون فيه رسائل إيجابية حقيقية من المملكة كمدير للملف السياسي الخليجي العربي، وكوسيط عربي أول مع دول قمة العشرين، لتحقيق توازنات تنهي حالة الصراع والحرب والتعدي الإقليمي في المنطقة، وإيقاف الضغط الإيراني الذي يجب أن يرافقه إيقاف الضغط التركي في سوريا وليبيا وشرق المتوسط، فإعادة الدور السوري إلى مناخه تاريخيًّا يحتاج إلى حل شامل في المنطقة.
وفي قمة العشرين يمكن مناقشة أهم القضايا وهي الدور التركي العدواني سواء باسم الناتو أو بدوره الذاتي، وخصوصًا في شرق المتوسط وليبيا واليمن (مناطق الأمل النفطي واستغلال حزب الإصلاح والإخوان) ومحاولة التوغل التركي في إفريقيا. وفي النهاية فإن تكريس زعامة سعودية للعالم الإسلامي تتطلب توحدًا في الموقف العربي، ومراعاة المصالح الروسية؛ كي يظل باقي المشروعات ضمن شروطها، ودائمًا علينا العمل لإنتاج توجه منطقي يفيد لإنتاج مستقبل مقبول، وسط تناقض عربي عربي فاقع جدًّا.
كاتب ومحلل سياسي سوري
أهداف معلنة وأخرى خفية
بركات الفرا
تجيء قمة العشرين وسط أجواء ملتهبة ليس في منطقة الخليج ولا العالم العربي الذي بات يطغى عليه مصطلح الشرق الأوسط ولكن في العالم كله، حيث تتزايد التوترات بين روسيا وأوكرانيا، ومن ثم ألغى الرئيس الأميركي زيارته التي كان سيقوم بها إلى روسيا، فضلًا عن أن أوربا آخذة في الاختلاف مع أميركا حول الاتفاق النووي الإيراني، وتزايد التوترات في منطقة شرق المتوسط، حيث إن أوربا آخذة في التصدي للتحرشات التركية بدول الاتحاد سواء اليونان أو قبرص، ومن هنا تأتي أهمية القمة.
ويمكن القول: إن المطالب العربية من هذه القمة يمكن أن تنقسم إلى عدة دوائر وتوزيعات؛ الأول فيما يخص دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي ستنعقد القمة على أراضيها، وهي لاعب رئيس وقوي في مجموعة العشرين، ولها مصالحها التي ستسعى للحفاظ عليها، أوعلى الأقل تأمينها، في مقدمتها إدارة حوار عالمي بشأن أزمة الطاقة، سواء فيما يخص الإنتاج والأسعار، أو فيما يخص تأمين ممرات النفط، سواء في الخليج أو البحر الأحمر أو غيرهما، ومن ثم فمن المهم للمملكة العربية السعودية الخروج بقرارات حاسمة في هذا الاتجاه، كما يهمها إيجاد توافق في القضايا الاقتصادية العالمية بعد أزمة كورونا، التي لا نعرف إن كان العالم سيشهد عامًا جديدًا من الركود الاقتصادي بسببها، أم أن ثمة انفراجة ستحدث، كما يهم المملكة الخروج برؤية واضحة بشأن شرق المتوسط، والتمدد الإيراني والتركي في المنطقة.
لكن هل ستواجه القمة مشكلات، أعتقد أن ذلك بدأ من الآن، فدائمًا هناك أهداف معلنة مثل التي تحدثت عنها السعودية أو الأمين العام للأمم المتحدة، حول تمكين الإنسان والتنمية المستديمة ومواجهة كورونا ومعالجة ما نتج عنها، لكنْ هناك أهداف أخرى غير معلنة، ستحددها الاجتماعات التي ستعقد على هامش القمة، وهي الاجتماعات الأكثر أهمية؛ لأنها ستناقش القضايا الملتهبة والأكثر خطورة، مثل قضايا الهجرة غير الشرعية والمناخ والإرهاب، وقد ظهرت بوادر المشكلات بزيادة التوتر الحادث بين روسيا وأميركا، وإلغاء الرئيس الأميركي الزيارة التي كانت مقررة له إلى روسيا، فضلًا عن التوتر الأوربي التركي، ورغبة كل من وزراء فرنسا وألمانيا وبريطانيا في إنقاذ إيران من حزم العقوبات الأميركية المتتالية عليها، ورغبة كل من الصين وروسيا في تقليص العقوبات الأوربية والأميركية على إيران، لكني لا أعتقد أن إيران ستلتزم بالاتفاق النووي في حال عدم تخفيف العقوبات على النفط الإيراني.
كل هذه القضايا تخص العالم العربي من زوايا وأشكال مختلفة، لكن الحديث عن العالم العربي أو المنطقة العربية بات يتراجع لصالح مصطلح الشرق الأوسط، ومن ثم ففي الوقت الذي كانت كل هذه القضايا من اختصاص جامعة الدول العربية فقد باتت من اختصاص القمم العالمية، مثل قمة العشرين.
كاتب وسفير فلسطيني سابق
عشرة بنود يريدها العرب من القمة
عمار علي حسن
قمة العشرين هي قمة اقتصادية في الأساس، ونحن العرب نريد منها عشرة أشياء؛ أولها أن بعض الدول لديها برامج اقتصادية للنهوض، ولا بد من مساعدتها على استكمال هذه البرامج سواء بالمعونات أو الاستثمارات.
ثانيًا: الدول التي عانت الانهيار سواء سوريا أو لبنان أو اليمن أو ليبيا أو السودان لا بد من المساهمة بشكل واضح وقوي في إعادة إعمارها. ثالثًا: الهجرة غير الشرعية يجب أن تناقش في القمة، فهي قضية لها أبعادها الاقتصادية التي أدت إلى النزوح بحثًا عن عمل، أو الهروب من حروب إقليمية ونزاعات داخلية، في أغلبها حروب اقتصادية أو نتجت عنها مشكلات اقتصادية.
رابعًا: هناك برامج تنمية موجودة في دول واعدة، لكن الدول الكبرى تفشل هذه البرامج؛ كي تظل هذه الدول سوقًا لبيع منتجاتها، ولا بد من إعادة النظر إلى هذه البرامج الإقليمية بوصفها برامج تكميلية للاقتصاد العالمي، وليست نوعًا من الصراع الاقتصادي معه.
خامسًا: الحرب التجارية بين الصين وأميركا تركت آثارها سلبًا في الدول العربية المنتجة للبترول، ولا بد من البحث عن صيغة لأسعار عادلة لهذه الدول.
سادسًا: شركات النفط التي كانت تستفيد من ارتفاع أسعار البترول، والتي تعمل سواء في التنقيب أو التصفية أو الشحن أو غيرها، لا بد من الاتفاق على التقليل من مكاسبها في مواجهة انهيار أسعار البترول.
سابعًا: للإرهاب تأثير سلبي في الاقتصاد، فالجماعات المتطرفة تنهك اقتصاديات بعض الدول وتستهدف وسائل نقل الطاقة؛ لذلك لا بد من آليات لدعم هذه الاقتصاديات في مواجهة الإرهاب.
ثامنًا: الديون الخارجية، لا بد من تخفيض فوائد خدمة الدين عليها، وبخاصة الديون التي أصبحت مرهقة للدول النامية، والتي يصعب عليها الاستمرار في ظل خدمة كل هذه الديون الخارجية، مثل: مصر والسودان ولبنان وتونس حتى بعض دول الخليج.
تاسعًا: الصناديق السيادية العربية الموجودة في أميركا وأوربا، فيها أموال طائلة ولا تتقاضى عنها بلدانها فوائد، فيجب البحث في كيفية الاستفادة من هذه الصناديق سواء في تمويل مشروعات اقتصادية عربية، أو فتح الودائع ودعم الاقتصاديات الضعيفة للبلدان العربية.
عاشرًا: حسم الصراع الدائر في شرق المتوسط على الطاقة، ومواجهة التشدد الإثيوبي في قضية ماء النيل، فهذه القضايا في الأساس اقتصادية، وحلها يكمن في يد الدول العشرين الكبار في العالم.
كاتب وباحث مصري
العالم يعيش مأساتين أساسيتين
عدنان العويد
لا شك أن العالم برمته يعيش اليوم مأساتين أساسيتين يتوقف عليهما استقرار العالم سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وقيميًّا، المسألة الأولى هي جائحة كورونا وما خلفته وتخلفه حتى اليوم من انهيارات اقتصادية بسبب توقف معظم النشاطات الاقتصادية الفعالة في دول العالم، وما يتركه هذا التوقف من إشكالات ليس لها حدود على مستويات عدة مثل: البطالة والموت والجوع وتوقف عجلة الحياة، وهو الأمر الذي دفع بعض الدول إلى المغامرة في فتح بعض منشآتها الاقتصادية على المستوى العام والخاص، رغبة في استمرار سير الحياة، مع إدراكها لخطورة مغامرتها هذه.
إن توقف الحياة الاقتصادية دفع أميركا خاصة، لكونها من يقود قاطرة الاقتصاد العالمي بغض النظر عن قوة الاقتصاد الصيني، إلى البحث عن موارد اقتصادية لتأمين حاجاتها المادية لمواجهة نتائج كورونا على حساب دول العالم الأخرى، إن كان من ناحية سيطرتها وفرض وجودها على هذه الدول اقتصاديًّا أو وعسكريًّا أو سياسيًّا، حيث تقوم بين فينة وأخرى بتهديد بعض الدول مثل روسيا وإيران، وبخاصة الصين مثلًا، على أنها السبب في مأساة العالم اليوم، لكونها الدولة التي انتقل منها الفيروس إلى العالم، وعليها أن تدفع الثمن حسبما أعلن ترمب.
المسألة الثانية هي العمل على إيجاد حلول من جانب الدول التي تتحكم في الاقتصاد العالمي، وبخاصة (دول العشرين) لتجاوز هذه الأزمة. وقد تبين لنا أن هناك رغبة في ضخ مبالغ مالية كبيرة لحملة العاملين والشركات الاقتصادية. وكذلك التوجه نحو تطوير الاقتصاد الزراعي وتشكيل جبهة موحدة ضد جائحة كورونا، ومعالجة اضطرابات التجارة الدولية المنهارة اليوم إلى حد كبير، واتخاذ خطوات استثنائية لإنقاذ الأرواح وحماية الاقتصاد، واتخاذ كل الخطوات الإيجابية لتفتيت أزمة كورونا.
أما القضايا التي تتعلق بعالمنا العربي التي يمكن أن تطرح، فلا أعتقد أنها ستتجاوز استمرارية مواجهة المشروع الإيراني، وتشديد العقوبات عليها من جهة، ثم العمل على مباركة عمليات السلام مع إسرائيل، وتشجيع ما تبقى من دول عربية للسير فيها.
أما تأمين ممرات النفط والغاز فيدخل في نطاق السيطرة الأميركية على مفاصلها الأساسية، إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر. وأما نفوذ تركيا في هذه المناطق فأميركا موافقة عليه وكذلك حلفاؤها؛ لكونه يدخل في ترك المنطقة على صفيح ساخن من جهة، ومن جهة أخرى إدخال تركيا ومشروعها الإسلامي في مأزق وإضعافها، ثم إدخال روسيا في متاهات الشرق، إضافة إلى سوريا.
كاتب وباحث سوري