في الحضور والغياب
في الحضورْ..
كانَ وردًا عابقَ الوجد تَلظّى
خَلفَ عشْرينَ سِيَاجْ
كانَ تَمْرًا وحَليبًا لأناسٍ
في بُيُوتٍ منْ زُجَاجْ
ماءَ بَحرٍ..
كوّنَ الرّيحُ بهِ مَوجًا
إلى أقْصى أجاجْ..
كانَ نجْمًا في العشِيّاتِ..
سَمَاءً لنخيلٍ أرْطبَتْ منْ دون أنْ تُرْوى
وأرضًا مَسَّها ضَيْمُ احْتياجْ.
كلّما قُلتُ لهُ: ياصَاحبي،
هَيّا بنا نَمْضي
فقدْ مَرَّ على الشّوكِ الطَّريقْ
والتَّمَنّي مُوصَدُ الأبْوابِ بالأصْفادِ.. فانْظُرْ..
قالَ: في البال خَيالٌ لزهُورِ الجُلّنارْ
وَأرى في الحُلْمِ مِفْتاحًا فَريدًا
وعِلاجًا للّرتاجْ.
عنْدما جَاءَ إلى الظُّلْمَةِ غنّى..
فارع الصّوتِ يُنادي
نَجمَة الصّبْح ويَفْنى كفَتيلٍ لسِراجْ.
في الغِيابْ..
تَرَكَ السّاحَة مَلأى بالحُضُورْ
وبشَيْءٍ يُشْبِهُ الفَقْدَ
و حَشْدٍ منْ عَصَافيرَ وأشْجَارِ نَبَقْ
تَرَكَ السّاحَة مَلأى بالحُضُورْ
بِظِلالٍ لدَهاليزَ وأحْياءٍ يَتَامى
وعَبيرٍ سَالَ من مئْذنَةٍ كُبْرى
ولحْنٍ لامَسَ الرُّوحَ
وفي القلبِ تَنامى.
كيْفَ حالُ السّفرِ الُموغِلِ في الُبعْدِ؟
وما حَالُ النّدامى؟
ولماذا طرْسُكَ الفارغُ لا يَبْكي
ولا يَأسى بذاكَ السّفْرِ حبْرٌ تتساقَاهُ السُّطُورْ؟!
ولماذا أنتَ في القُرْبِ وفي الُبعْدِ حكايا
ومَعانٍ تتسامى؟!
تَرَكَ السّاحَة مَلأى بالحُضُورْ
وبشَيْءٍ يُشْبِهُ الفَقْدَ
إذا ما خَفَقَتْ بالقَلبِ ذكْرى
للّذي يَسْكُنُ فينا
والذي نَمشي لَهُ الدّربَ
مَواعيدَ، وراياتٍ،
نُوَفّي ما عَليْهِ منْ نُذورْ.