كانت تسافرُ إليه المدنُ

كانت تسافرُ إليه المدنُ

الهُدهُد والساحر

صغيرًا أمسكتُ بالهدهد

تربَّصت به في البئر

وحيث يقيم،

تعقبت خوفَهُ

وهو يطلقُ أصواتَ غيرهِ بإتقانِ

كي يروعني؛

ولم أبالِ

حتى إني كنت كُلَّ يومٍ أطلُّ عليهِ،

أمدُّ يدي

التي لم ترجع خاويةً ذاتَ غيمٍ.

أحكمتُ عليهِ القبضةَ،

فانكسرَ من عظامهِ واحدٌ.

سِرتُ به مكسور الجناح ليلًا،

أوصلته لمن ابتغى

وقبضتُ الثمنَ دراهمَ قليلةً

بنفس اليدِ،

قبل أن يخرَّ الساحرُ باكيًا

على ما انكسر.

الطفلُ والمرآة

ممسكًا بمرآةٍ صغيرةٍ

تعكس ضوءَ الشمسِ،

كنتُ أنقّلُ الضوء على جدرانِ المنازلِ،

فيعجز أصدقائي

عن الإمساكِ بهِ،

أصدقائي الذين كبروا

وصاروا مهاجرين وبحارةً

تركوا خلفهم

طفلًا ما يزالُ يحملُ المرآةَ

كي يعكسَ الضوءَ الآن

على وجوهِ المارةِ

من وجهٍ إلى وجهٍ،

ويضحك.

الراهب المسافر

لم يحدثْ يومًا أن سارتِ المحطةُ إلى القطارِ،

أو طارَ المطارُ إلى الطائرةِ

ووصل في موعدهِ،

إلا مع الراهب

الذي كانت تسافرُ إليهِ المدنُ؛

فيجوب شوارعها

وهو في مكانه،

مغمض العينين،

وغارقًا في التفكير.

الراهبُ المتسولُ

لم يكن متسوّلًا

يطوفُ البيوت سائلًا حباتِ أرزٍ وحسب.

كان راهبًا

قد غادرَ المعبدَ

حين لم يجد جوابًا

لسؤال أحد مريديه.

قطع السهول والغابات

متسوّلًا جوابًا

يلقيهِ أحدٌ ما

إلى داخلِ الوعاء الفارغِ

بين يديه؛

ولم يجد.

قصيدتان

قصيدتان

1- فتاة الكوتشينة

من بين أوراق الكوتشينة

أرادت أن تفر الفتاة

لولا أن لا عاشق لها خارج اللعبة

فتاة الكوتشينة

التي تغمز للاعب الذي يحوزها

ولا تتوقف عن الابتسامة والغمز

كلما نظر إليها

فتاة الكوتشينة

التي تحترق وتصير رمادًا

ما إن تضعها يد على الطاولة

2- فتى الكوتشينة

أنا ورقة الكوتشينة

التي تمسك بها يدك بشغف

وتنتظر الطاولة وصولها

أنا ورقة لعبك الأخيرة

التي تؤجلين نزولها

لأنني المُقامر به في كل لعبة

أنا الولد الأخرس في يدك

أسمع القهقهات من حولي

حين تضعني يدٌ ما على الطاولة

ولا يسمع نبضات حزني أحد