بواسطة محمد الأصفر - كاتب ليبي | يناير 1, 2020 | نصوص
عندما ركلت ساعة المنبه التي أيقظتني في الموعد المحدد السادسة صباحًا، تحطم زجاجها وانكسرت عقاربها لكن صوت تكتكتها ظل مستمرًّا، أصابها العطب من الخارج بينما من الداخل ما زالت صالحة، يمكنني إن لزم الأمر أن أركلها بعنف، لكن لا يمكنني إطلاقًا أن أدوس على قلبها، هي عزيزة عليَّ، رافقتني في عدة مدن عشت فيها، وعند كل حماقة ركل يتشظى زجاجها وتعوجُّ عقاربها أو تتكسر، وكل من يراها سيقول ما عادت تنفع لقد خرجت عن الخدمة وينبغي ركنها في مخزن أو رميها في مكب النفايات، لكن لا أفعل، لا أستغني عنها، لقد خدمتني بإخلاص زمنًا طويلًا فلن أرميها في القمامة أو أبيعها لتاجر عاديات، ودون تردد آخذها سريعًا إلى ساعاتي يصلحها، يقول لي: نعم ما زالت حيّة، قلبها ينبض، ووصلت بها إلى محترفي في الوقت المناسب، شكرًا يا مسعف الساعات يا عاشق الوقت، لكن سأكون صريحًا معك، تكلفة الإصلاح أغلى من شراء واحدة جديدة، وأقول له: ليس مهمًّا التكلفة، أصلحْها قبل خروج روحها، إنها ساعتي التي أحب، ليس خسارة أي مال لصيانتها، نحن أيضًا نعالج أنفسنا كلما مرضنا ونخسر محْ كبدنا كي نبتعد عن شبح الموت لأطول زمن ممكن، أصلحها يا فنان ولا يهمك المال سأدفع لك بسخاء، يسعدني جدًّا أن أنفق مالي على مهماز يقظتي هذا، وليس على شيء آخر مَهمَا كان مُهمًّا، فأنا لا يوقظني صباحًا أو فجرًا صياح ديك لطيف أو أذان مؤذن ورِع، لكن ساعتي توقظني دائمًا وترحب بردود فعلي الغاضبة، فتنكسر فتتحطم فتصرخ لكن لا تموت لا تفنى لا تصمت عن التك، يظل قلبها ينبض، وأنا أسمعه بوضوح كنواح كأنين كبكاء، فأتألم لذلك وأندم ندمًا شديدًا، وأصرخ في نفسي ما لي وما لتحطيم الزمن؟
لم أستطع التخلي عن عادة ركل الساعة كلما أيقظتني من حلم جميل وددت لو يستمر طوال العمر، لا يحدث الأمر معي دائمًا، لكنه يحصل مرّة مرّة أي أحيانًا، ربما كل عام أو كل ستة أشهر؛ لذلك لا أركل الساعة بشكل دائم إنما في أزمنة متباعدة، عادة ما تكون طويلة نوعًا ما، فالأحلام الجميلة -عليها اللعنة- ليست متاحة دائمًا، الكل يصطادها ويستحلبها في هذا العالم الجائع للحلم، وفرصتي في الحصول على حُلَيْم صغير منها ضئيلة جدًّا، ربما لسوء حظي، وربما لأسباب أخرى تخص الجغرافيا والتاريخ والمناخ العام والأرق والوسواس والإفراط في شرب القهوة بالحبهان والشاي بالزنجبيل حتى الكاكاو المر.
لا أدري لماذا لا تأتي الأحلام الجميلة في أزمنة متقاربة، كل شهر، كل أسبوع، يومًا بعد يوم، سيظل السبب غير معروف لدي، لا شيء يمكنني أن أفعله سوى أن أقول: ربما لأنها كذا، وربما لأنها كذا، وربما لأنها كذا، وكل كذا احتمال خاص بي قد لا يكون صحيحًا، وإجمالًا يمكنني القول: إن الأحلام الجميلة هي أيضًا كائنات تبحث عن متعتها في خيالات مناسبة ورائقة لها، فلا تطرق بالطبع رؤوسًا أو أماكن سيئة كالتي نعيش فيها حاليًّا، الكرة الأرضية مثلًا.
ذات مرة سألت الحلم: لماذا تتأخر طويلًا يا جميل ولا تأتي إليَّ بشكل منتظم وفي أزمنة متقاربة، فقال لي: يا غروب نعاسي، هل تحب أن تتمتع بي الآن أم تفتح لي تحقيقًا يلتهم كل العمر؟ قلت له: أتمتع بك طبعًا، فالتحقيقات في اليقظة مضيعة للوقت خاصة إن شُكلت لها لجنة، فما بالك في الأحلام الظريفة اللطيفة خفيفة الدم والظل، ابتسم الحلم لي وعانقني بحرارة وأغرقني في عوالم ساحرة لا أتمنى أن أخرج منها، لكن الساعة المنبهة اللعينة رنّت فطار الحلم الوديع الذي لا يحب صخب الميكنة والآلة والإلكترون، وقفزت أنا واقفًا وسط السرير أرغي وأزبد وأركل المخدة ثم الساعة لتصير طراطيش، أي شظايا.
أنا إنسان أخاف الله، والساعة التي على الكوميدينو بجانبي أنقذتني كثيرًا من لعن المؤذن أو القفز من الفراش والصعود لسطح بيت الجيران لخنق الديك الذي يؤذن، وربما حتى من الاعتداء على زوجتي التي تهزّني كي أستيقظ عندما تشعر أني أعيش كابوسًا يخنق أنفاسي، حين ذاك أقول لها بلطف: حبيبتي حرام عليك لا تهزيني اتركيني أتقاتل مع الكوابيس؟ في أثناء نومي يكون معي جيش عرمرم يساعدني على هزيمة أي كابوس جاثم على صدري، عكس الحياة العامة حيث لا أحد معي غير الله الذي غالبًا ما يتركني لمصيري لحكمةٍ ما لا يعلمها غيره، ربما كي أعتمد على نفسي. وبعد أن أهزم الكابوس وأطوّح به بعيدًا عن جنة نعاسي أحس بالرضا والسعادة والفخر.
في كل مرة أحطم الساعة التي توقظني من حلم جميل والساعة تتفهم ذلك وترحب بغضبي وركلي لها وربما تبتسم لي؛ لأني لم أرتكب حماقة في حق الآخرين وارتكبتها في حق ممتلكات خاصة بي، هي ترن على الكوميدينو وأنا أقف غاضبًا فوق السرير، هي لا تخاف من غضبي وتظل ترن، أنا أركلها بقوة ناحية الجدار، فتتحطم وتتوقف عن الرنين لكنها تظل رغم الألم تتكتك، تك تك تك تك، ربما أعادت الركلة لها نشاطها من الداخل ومنحتها عُمرًا جديدًا، فبدت لي تكتكاتها من دون العقارب والزجاج الذي كان يغطي وجهها طازجة وشجية أسمعها بنقاء رغم ضعف سمعي، تكتكات كأنها تغني، أتكتك معها وأضبط عليها خطواتي الراقصة وأنا أتوجه إلى الحمام سعيدًا وبعدها أضبط عليها حركة الفرشاة على أسناني، وعندما أكون جاهزًا تمامًا للخروج ألتقطها من على بلاط الغرفة، أضمها إلى صدري أعتذر لها، أحفظها في كيس أنيق، وآخذها إلى طبيبها الساعاتي العجوز الذي يقول لي وقد عرفني من معاملات سابقة: كويس أنك أسعفتها سريعًا، ما زالت حيّةً، أسمعُ تكاتها المتألمة من أول ما دخلت السوق، آه كالعادة طبعًا يا أستاذ ستقول لي: انكسرت من جديد قضاءً وقدرًا، بالله عليك هل لديك أطفال عابثون أم قِطّ مُشاكِس يفسد مخلوقاتي الجميلة؟ أقول له: لا، أنا الطفل العابث، أنا القط الشرير، أنا من فعل ذلك، هي أيقظتني فجأة من حلم لذيذ وأنا بكل حمق حطمتها، الساعة يا أسطى اعتدت على حلمي جعلته يتبخر فجأة، والشيطان عليه اللعنة يقول لي: من يجهض حلمك لا تتردد حطمه، وإن كان الشيطان ليبيًّا يقول لي حطم دين أمه ثم قلْ: تم الدعس.
حقيقة كل هذه الركلات للساعة المنبهة أقوم بها في غياب زوجتي، أقوم بها عندما أنام في الظلّ وحيدًا، عندما تكون زوجتي إلى جانبي لا تأتي لي أحلام جميلة، فهي تغار من الأحلام الجميلة التي تدخل رأسي، تقول لي: اطردْ كل شيء، أقفل خيالك ورأسك وقلبك، أنا الحلم الجميل فقط، وتظل تحرس رأسي ممسكة بمروحة سعف لنشّ أي حلم يقترب حتى أنام نومًا عميقًا هادئًا، وإن داهمني أثناء النوم كابوس تهزني بعنف؛ كي أستيقظ وأستغفر الله، ثم أعود إلى النوم إن كان الصباح لا يزال بعيدًا.
بون يوليو 2019م
بواسطة محمد الأصفر - كاتب ليبي | سبتمبر 2, 2018 | مقالات
كنت أبني أملًا كبيرًا على الهجرة إلى أوربا، كأنها بلسم فوري سيحول حياتي إلى جنة، فكثير من الكلام سمعناه هنا وهناك عن الأجواء المريحة للكتابة، وأكثر من مرة شهدنا صراعًا محتدمًا بين الكُتاب للحصول على منحة كتابة لمدة شهر أو حتى أسبوع مستخدمين الطرق كافة بما فيها طريق التملق وملحقاته العفنة جدًّا. وغالبًا ما ينجح معظم هؤلاء الكتاب في ذلك وحينما يعودون يتحفون القارئ بمادة وصفية عن الرحلة سرعان ما تتحول إلى كتاب غالبًا ما يتحصل على جائزة تُعنَى بهذا النوع من الكتابات. الوسط الثقافي الذي عشنا فيه صور لنا أوربا كأنها جنة، قامات إبداعية يتوافر فيها كل شيء يساعد على الكتابة، ومصروف جيب سخي يمكنك من الصرف على نزواتك البريئة والخبيثة معًا، ومن هنا لم يركز الكثير على الكتابة والموهبة وصقلها وبذل الجهد، وانصب التركيز كله على الوصول إلى أوربا وهناك سيتحقق فعل الكتابة تلقائيًّا بتقنية عالية.
محمد الأصفر
وبعد جهد وحظ وتوفيق من الله واقتناع من السلطات الأجنبية بملفي وأيضًا بإبداعي ها أنا أعيش في أوربا، أوربا الجنة، حيث الحرية والأمان ودولة القانون والمؤسسات، وما علي إذن إلا أن أجلس للكتابة، لأبدع مثلما أبدع الكتاب العرب الآخرون الذين سبقونا لهذا المنفى، وبعد أن أكتب سيترجمون كتبي وسأحصل على دخل كبير حيث هنا يحترمون الملكية الفكرية، فلن يسطو على جهدي ناشر لئيم أو صاحب مكتبة جشع. ولكن لم يحدث شيء من ذاك القبيل، كتبت أربعة كتب تقريبًا خلال 3 سنوات وإلى الآن لم أتحصل على فرصة نشر رغم أن دور النشر العربية المعروفة التي أرسلت لها الأعمال أجازتها حتى حررتها تجهيزًا للمطبعة، وما علي إذن حاليًّا سوى الانتظار، فظروف النشر العربي نعرفها وآلياته على دراية كبيرة بها وكل شيء للأسف يتوقف على العلاقات العامة وعلى التملق وعلى أمور أخرى يخجل الإنسان من ذكرها حتى في السر. منذ أن وصلت إلى أوربا لم تعد لي رغبة في السفر حتى إلى معارض الكتاب أو المهرجانات، أنا سعيد هنا، كل ما أريده متاح أمامي، يمكن التمتع به فعليًّا أو مجازيًّا، المال لا يعني لي شيئًا، لا أسعى للحصول على الجوائز، قيمة الجائزة لا تغريني أو تستهويني، قبل انخراطي في عالم الكتابة الجميل كانت لدي أموال كثيرة، لكن تخليت عنها فجأة، وجدت أن الحرف أكثر غنى لنفسي منها، حتى عندما أكتب أتعمد ألّا أكتب جيدًا حتى أخسر، فلا أراجع المادة، ولا أجعلها أفضل بتغيير بعض الكلمات أو حذفها، أترك كلماتي مشوهة كما خرجت مني أول مرة، ولا أقوم بعلاجها ببذل جهد ذهني مرهق، قد يسبب لي مرضًا أنا في غنى عنه، المهم أن أكون سعيدًا وراضيًا عن كتابتي، رأي الغير لا يهمني ولا يمكني في الوقت نفسه أن أجلس ساعات طويلة وأنا أنقح وأمزق لأجل رأي موجب يشيد بي، إذن لن يطبع كتابي، لا مشكلة لن يفوز لا مشكلة، لن يكون في ( البيست سيلر أيضًا لا مشكلة).
ما كان يقلقني حقا هو الموهبة، ظننت أن أوربا ستفجر مواهبي وتطلق المكبوت منها، لكن للأسف لم يحدث هذا الأمر موهبتي في وطني هي نفسها في أوربا لم تزد ولم تنقص، أنا أضعها كل يوم على الميزان وأقرأ المؤشر، هي نفسها، ما زالت ثابتة، لكن سلوكياتي تغيرت، ما عدت أعبر في الضوء الأحمر، وما عدت أرمي أي شيء في الأرض، وما عدت ألتفت لأنظر للمرأة بعد أن تتجاوزني، فنظرة أمامية واحدة تكفي. والآن عندما وجدت أوربا ليست كما ظننت فماذا أفعل هل أبقى أم أغادر؟ حقيقة لا أدري، سأنتظر حتى تنشر كتبي، وأكمل الكتاب الخامس الذي بدأت فيه، هناك شخصيات به ستشدني إلى ألمانيا، لا يمكن الكتابة عنها وأنت بعيد عن أمكنتها، الخيال يمكنه أن يفعل ذلك، لكنني سطحي جدًّا، وخيالي أضيق من ثقب إبرة، فلا بد أن أبقى هنا حتى أكمل كتابتها، وأرجو ألّا تحيلني إلى شخصيات أخرى تحيلني إلى أخرى وأخرى.
أنا أكتب الآن عن الموسيقار بيتهوفن، هو موسيقار سمعه ضعيف وأنا كاتب سمعي ضعيف، لكنْ كلانا مغرم بالموسيقا التي للأسف لا نسمعها جيدًا لكن نحسها داخليًّا بشكل ممتاز، لقد كتبت في أوراقي التي قدمتها للألمان أني سأكتب رواية عن بيتهوفن وأنتهي منها في عام 2020م وأنشرها بمناسبة مرور 200 سنة على وفاة بيتهوفن، لقد زرت متحف بيتهوفن وسمعت موسيقاه عبر سماعات ذات تقنية عالية وشاهدت معظم الأفلام التي تناولته، وعندما كنت صغيرًا قرأت عنه كتابًا مختصرًا به سيرة حياته وأعجبت بشخصيته وشعره وسترته الشبيهة بسترة إمبراطور روماني. ومن المصادفات الغريبة أن أول بلد زرته في حياتي كان ألمانيا وأول مدينة زرتها كانت بون، كان ذلك عام 1979م، وأول ما شدني في بون هو الموسيقا، وتماثيل بيتهوفن الكثيرة المنتشرة في الميادين وفي المحلات التجارية وفي باحات المدارس والمؤسسات العامة، كانت بون آنذاك عامة ألمانيا، وقد زرتها مرافقًا لأخي الذي كان يشكو من مرض الشبكية في العينين، وعندما عالجته في بون وأجرى له الطبيب عملية عاد البصر إلى عينيه، أذكر أننا كنا سعداء جدًّا آنذاك وكنا صغارًا لم نتجاوز الثامنة عشرة تقريبًا، معظم وقتي أقضيه في الاستماع إلى الموسيقا، فِرَقٌ كثيرة تعزف في الميادين وكرنفال بهيج به مئات الفِرَق الموسيقية، لم نعد إلى ليبيا وقررنا أن نبقى أكثر، تعلمت اللغة الألمانية في معهد خاص، وأقمت علاقة عاطفية مع فتاة تتسول بالعزف على الغيتار، وكنت أساعدها في جمع النقود من المستمعين، وعندما تريد أن تقتسمه معي أرفض المال وأطلب منها قبلة فقط.
تعلمت منها اللغة بشكل أفضل، المعهد الذي أدرس به يعلمني لغة الكتب، وعازفة الغيتار تعلمني لغة الحياة، بقيت معها نحو ثلاثة أشهر ثم عدنا إلى ليبيا، على أمل أن أوصل أخي وأجلب ما لدي من أشياء في ليبيا وأعود إليها، لكن عام 1979م في ليبيا كانت الأوضاع فيه سيئة والحرب مع تشاد ومع أوغندا ومع عدة بقع أخرى في أشد ذروتها ومن الصعب جدًّا الحصول على تأشيرة سفر لشاب في سن التجنيد، ومر الزمن وكل شهر نقول الآخر ستفرج، لكنها لا تفرج وتزداد الأمور سوءًا، مشانق في المدارس والمدن الرياضية وإعدامات بالرصاص وأيديولوجية دكتاتورية سُخِّرت لها إمكانيات البلاد المادية كافة، وحقيقة يئست من العودة لكن لم أفقد الأمل نهائيًّا، هناك أمل مضاد لليأس، قلت: إني أحبها وتركتها بعد ثلاثة أشهر من الحياة معًا، ربما يكون لي ابن منها، ومرت الأيام والسنون ولم أعرف كيف أتصل بها، حبها ما زال متأججًا، وموسيقاها ترن في أعماقي، اللحن الذي تعزفه دائمًا للناس أحفظه عن ظهر قلب، أعزفه بكل الآلات الموسيقية الوترية وغيرها.
وبعد نحو 35 سنة تقريبًا ابتسم لي الحظ من جديد ونجحت في الوصول إلى ألمانيا، وأول شيء فعلته هو زيارة بيت بيتهوفن وزيارة كل الميادين التي كانت تعزف فيها حبيبتي، وبدأت رحلة البحث عنها، عن اللحن الذي كانت تعزفه، أدخل محلات الموسيقا وأجرب عدة أسطوانات، أدخل مقاهي وحانات من أجل الموسيقا، إن وجدت اللحن فيمكنني ملاحقة عازفه، ويمكنني أن أجدها، وحتمًا ستعرفني قد يكون عمرها الآن خمسين سنة أو أكثر وقد تكون قد تزوجت وأنجبت أطفالًا، وقد يكون لدي منها طفل، لا أحد يدري وعليَّ أن أتتبع هذا الأمل المضاد لليأس، للأسف لا أعرف اسمها ولا عنوانها كنا نكتري غرفة في شقة عجوز هرمة غالبًا ما تكون حاليًّا تحت الثرى، وما عليَّ الآن سوى أن أتألم وأتفرس في وجوه الناس الخمسينيات بالذات وفي وجوه الشباب الذين أعمارهم في الثلاثين وفوق لعلي أجد أحدهم أو إحداهن تشبهني، وإن وجدت الشبه فكيف يمكنني أن أتصرف، سأمدّ لمن يشبهني نسخة من هذا النص أكون قد ترجمتها إلى الألمانية إن كان هو المقصود فسيعانقني أو تعانقني، وإن كان غير ذلك فسيقول أو تقول لي: عفوًا النمرة غلط.