طفرة في سينما الخليج
دخول السعودية بما تملكه من قوة وإرادة للتغيير والقدرة على امتلاك أسلحة القوة الناعمة، وإتاحة الفرصة لها كي تلعب دورها الحقيقي في التغيير المجتمعي، سيحدث تغييرًا مهمًّا في صناعة السينما في دول الخليج العربي. السينما في الخليج لا تتوازى مع قوة الخليج الفكرية والحضارية والاقتصادية والثقافية، لكن هذا لا ينفي وجود نماذج قوية في العمل والاقتصاد السينمائي، ففي الإمارات على سبيل المثال واحد من أهم مهرجانات السينما في العالم العربي، وهو مهرجان دبي السينمائي، الذي يعقد بشكل دوري سنويًّا، وإن كانت دورة 2018م لم تعقد هذا العام وجرى تأجيلها لعام 2019م، إلا أن أهمية هذا المهرجان تأتي من أننا نستطيع أن نتعرف من خلاله اتجاهات السينما العالمية، وهذا المهرجان في العموم عنوان مهم جدًّا ليس للسينما في الخليج فقط، ولكن للعالم العربي ككل.
وأتوقع أن دخول السعودية إلى الإنتاج السينمائي سوف يثري سوق العمل السينمائي، بداية من الإنتاج والإخراج والممثلين والمونتيرين والمصورين وغيرهم، سواء كانوا من أبناء الخليج أو من أبناء العالم العربي بشكل عام، أو حتى من الفنانين والكتاب والمخرجين العالميين، فمجرد دخولها سيفتح بابًا واسعًا لتنافس مواهب كثيرة في مختلف مجالات العمل السينمائي، كما أنه سيتيح فرص تعاون كبيرة بين مختلف صناع السينما في بلدان العالم العربي. لنا أن نرى ما حدث مع فلم الفنانة هيفاء المنصور «وجدة» الذي جرى تصوير أجزاء منه في الشارع بالسعودية قبل أن يُسمَح للسينما بالعمل، فهذا التصوير جرى وسط قبول مجتمعي قبل أن تسمح السلطات بالعمل السينمائي، فما بالنا بعد السماح، وتشجع الكثيرين وخروجهم من دوائر التزامهم لإطلاق العنان لخيالهم وإبداعاتهم. أتصور أن ثمة طفرة ستحدث في السينما الخليجية من جانب، وسوف يكون لهذه الطفرة تأثيرها الكبير الاجتماعي والثقافي في الشارع السعودي، من جانب آخر. وأعتقد أن بوادر ازدهار صناعة السينما الخليجية بدأت في التدفق هذا العام، فلأول مرة وبعد مرور 71 عامًا على إنشاء مهرجان كان السينمائي الدولي نجد السعودية تشارك بجناح فيه هذا العام، هذا الجناح يعرض أفلامًا مختارة، ويعقد صفقات خاصة بصناعة السينما في السعودية ودول الخليج ككل، وهذه خطوة مهمة وكبيرة يجب الانتباه لأهمية وجودها وضرورته.
ناقد سينمائي مصري